حكايات القطن: رحلة بين ثنيات أجمل منسوجات المغرب التقليدية

1 ديسمبر 2024
Saleh Al-Halabi
حكايات القطن: رحلة بين ثنيات أجمل منسوجات المغرب التقليدية

تعتبرُ الملابس التقليدية في المغرب كنزاً ثقافية تعكس تنوع الأقاليم وتراث كل منطقة من البلاد. من القفطان الفاسي الأنيق إلى الجلابة الشلوحية البسيطة, كل قطعة تحمل في طياتها رمزية ومعنى خاصيين.


في حين أن العديد من المغاربة، وخاصة من الأجيال الشابة، يختارون ارتداء الملابس الغربية الحديثة للحياة اليومية، فإن المناسبات الخاصة والمناسبات الاحتفالية عادة ما تشهد عودة إلى الملابس التقليدية.


  • صناعة القطن في المغرب:

تعتبر المغرب من البلدان الزراعية في الوطن العربي, وذلك بفضل المساحات الزراعية الشاسعة التي تشكلُّ مصدر رزق لآلاف السكان هناك. يتوسع إنتاج المحاصيل التجارية كالقطن، وقصب السكر، وبنجر السكر، وعباد الشمس بشكل سنوي, وتدخل هذه المنتجات ضمن الصادرات الأساسية للبلاد.


لكن ومنذ عام 1998، انخفض طلب المغرب على القطن بمعدلٍ سنوي قدره 1.1%. في غضون ذلك، بلغ إنتاج القطن المغربي 98,6 مليون دولار سنة 2016، مقارنة بالسنة السابقة. ومع تزايد طلب المستهلكين على منتجات الملابس المستدامة، توفر شركات الأزياء بشكل متزايد الملابس المصنوعة من مواد نسجية معاد تدويرها. لكن, عندما يتعلق الأمر بصناعة الملابس التقليدية المغربية, فإن المنتجين يتأكدون دوماً من استخدام أفضل خامات الأقمشة وأفخرها, كالحرير, والقطن الطبيعي ويتمُّ تزيينها بتطريزات من الذهب والفضة.


نعرض فيما يلي بعضاً من أشهر الملابس المغربية التقليدية التي تعكس التاريخ العريق المطبّع بالثقافة الأمازيغية، العربية، الأندلسية، الصحراوية، الإسلامية وحتى اليهودية وغيرها من الثقافات التي مرت على الأراضي المغربية خلال الحقبات السابقة.








  1. الجلابة (الجلباب):

يمكن العثور على الجلابة في بلدان شمال أفريقيا الأخرى بالإضافة إلى المغرب، لكنها لا تزال واحدة من أكثر الملابس التي يرتديها المغاربة. وهي عبارة عن لباس طويل يمتد حتى الكاحل ومزوّدٌ بتغطية للرأس تسمى بالقُب. يختلف تصميم الجلابة وحياكتها تبعاً للمناطق المختلفة من المغرب. تُصنع الجلابة الصيفية من القطن الطبيعي, في حين تُنسج الجلابة الشتوية من الصوف مما يوفر دفئاً أكبر.


يلبس الرجال الجلابة في حياتهم اليومية عند خروجهم لأعمالهم أو للسوق أو للصلاة، أحيانا مع الطربوش المغربي الأحمر أو العمامة والخف الجلدي الأصفر المسمى بالبلغة. كما يرتدونها في المناسبات الخاصة, إذ يرتديها العريس المغربي ليلة زفافه.





  1. القفطان المغربي:

القفطان هو نوع من الفساتين الطويلة التي تشبه الرداء والتي تملك شهرة واسعة ليومنا هذا في المغرب. وعلى عكس الجلابة، فإن القفطان ترتديه النساء فقط. قديماً, ارتبط القفطان بالعائلات الملكية والنبلاء فقط, ولكن انتشر استخدامه لعامة الناس خلال عهد الأسرة السعدية.


عادة ما يكون القفطان مطرزاً بزخارف جميلة مع تجديل جميل وخرز مخيط على أقمشة فاخرة. ويصنع القفطان من مواد مختلفة، منها الصوف والقطن، لكن القفطان الأكثر فخامة يصنع من الحرير الناعم أو المخمل الفاتن ويُطرز بخيوط من الذهب والفضة, مما يجعله قطعة أساسية في خزانة السيدات المغربيات للتألق في المناسبات الخاصة والأعراس.




  1. التكشيطة:

ربما يكون التكشيطة هي الملابس النسائية الأكثر رسمية وجمالاً, فهو مخصص للمناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف. تتميز أزياء التكشيطة بنوعية الأقمشة الفاخرة التي تستخدم في صناعتها، وألوانها الجريئة والمتناغمة، إضافة إلى التطريز الكثيف. وتلبس التكشيطة مع المضمة المغربية أو الحزام مع الحلي المغربي (حلي الشمار). هذا التصميم يوفر الاحتشام، من دون أن يؤثر في الجمال العام للزي، بل قد يضفي في كثير من الأحيان نوعا من الوقار والتألق.




  1. المنصورية:

المنصورية هي من الأزياء التقليدية المتعارف عليها عند المرأة المغربية منذ قرون، وتتكون من قطعتين الأولى قفطان ويكون من ثوب سميك والثانية تسمى المنصورية وهي عبارة عن ثوب شفاف غالبا أبيض وقد يكون ملوناً. وتختلف القطع بحسب الحقبات التاريخية, وقد عرفت تطوراً كبيراً منذ منتصف القرن الماضي حيث أصبحت إلى جانب القفطان موضة عالمية في الثمانينات بفضل المصممين المغاربة.


  1. الشدة التطوانية:

تعتبرُ الشدة التطوانية تقليداً أصيلاً ولباساً رسمياً للمرأة المغربية في العديد من المناسبات خلال حياتها. فهو لباس العروس في ليلة زفافها, ولباس الطفلة في احتفال بلوغها السابعة من العمر, وأول أيام صومها رمضان الكريم. تتكون الشدة التطوانية من قفطان الحاج عمر المغربي وحزام البروكار الفاسي أو المضمة المغربية, وتزين بحلي مغربي تقليدي كثيف منه عقد الجوهر, اللبة, الخلايل والخرسة. وتغطي التطوانية شعرها بغطاء يسمى بالسبنية, وأخيراً تُضيف التخليلة التي تُعتبر لباس الأميرات بالمغرب.



مما سبق, يمكننا أن نرى بأنّ الملابس التقليدية المغربية ليست مجرد موضة عابرة, بل إنها تراث حي يورث من جيل إلى جيل, ووسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية والحفاظ على التقاليد الأصيلة للبلاد.